Search This Blog

Friday 26 March 2010

أيقونة ندا آغا سلطاني تسـقـط فـي إسـرائيـل



 
علي هاشم

تزدحم الاستحقاقات على أعتاب قادة المعارضة في إيران، بين داخلي وخارجي، وحتى في ما يتعلق بشكلها ومضمونها ومستقبلها، على ضوء الاختلاف الجذري في برامج الاعمال بين معارضي الداخل والخارج، وبين أتباع مرشحي الرئاسة السابقين مير حسين موسوي ومهدي كروبي من جهة، وأتباع جماعة «مجاهدي خلق» من جهة، و»الملكيين» من جهة أخرى.
للخارج، كان المشهد دوما يعكس مشهد إتحاد القوى المعادية للرئيس محمود أحمدي نجاد تحت علم أخضر وصورة ندا أغا سلطاني، الشابة الإيرانية التي قتلت خلال الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي من اللحظة الأولى لسقوطها مضرجة بالدماء في إحدى جادات العاصمة طهران، اتخذت صفة أيقونة الانتفاضة الخضراء.
وكان الإعلام الغربي يساعد أكثر وأكثر في إبراز قضيتها، للفت النظر لما يحدث في إيران. فما كان يمر شهر ألا وتخرج القضية من جديد، عبر مقابلة أو وثائقي، أو حتى خبر يتحدث عن عائلتها، أو أي أمر مرتبط بها.
بقيت ندا شعار المعارضة. لكن المعارضة لم تبق كما كانت يوم مقتل ندا. الأحداث الأخيرة، لاسيما تلك التي ارتبطت بعاشوراء هذا العام، فرضت على قادة معارضة الداخل العمل لرسم خط للفصل بين عملهم، وعمل بعض من في الخارج، مثل جماعة «خلق» و»الملكيين»، ممن يجاهرون بمعاداة النظام الإسلامي برمته لا نجاد حصرا.
الخط المرسوم ربما هدف للإطاحة بتهمة العمالة للخارج التي يرمى بها دوما موسوي وكروبي ومن خلفهما الرئيس السابق محمد خاتمي. لكنه لم يغير في شعارات المرحلة ولا لونها، ولا حتى أيقونتها ندا آغا سلطاني، حتى جاء ذلك اليوم الذي قررت فيه معارضة الخارج، الخروج كليا عن رمزية قيادة الداخل، والانطلاق في برنامج عمل مختلف تماما، تجسد بداية في مجموعة من البيانات المحرضة على التحرك خلال الاحتفالات بعيد النوروز، ومن ثم زيارة خطيب ندا إلى تل أبيب ولقائه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، وهي زيارة، ان قيل فيها انها مثيرة للجدل، فإن ذلك لن يحسن وصفها.
ربما الأدق في هذا الموضع وصف الزيارة بالزلزال. إذ أنها ورغم فك الارتباط بين الخارج والداخل، انعكست سلبا على المعارضة ككل، ودفعت بقواها للخروج على وسائل الإعلام ومن خلال مواقع الإنترنت لنفي أي ارتباط لهم بالخطوة والضرب عليها. بكلام آخر، تحول اهتمام المعارضة عن الاستحقاقات المرتبطة بصراعها مع السلطة، للدفاع عن نفسها أمام الاتهامات المتجددة التي ربطها من جديد ببرامج عمل خارجية، والأسوأ هنا ربطها ببرنامج عمل إسرائيلي، وهو ما يحمل حساسية مفرطة في الداخل الإيراني، حيث الشعب بكافة أطيافه يعادي إسرائيل.
لم تقتصر ارتدادات الزيارة الزلزال على المعارضة، وتخطتها لتطال ندا كأيقونة للانتفاضة الخضراء. ورغم خروج عائلة الفتاة ونفيها أي علاقة بينها وبين خطيبها، فإن صورة الصبية ورمزيتها ستتراجع، وبالتالي ستخسر المعارضة الداخلية شعارا من شعاراتها ومصدر جذب وتعبئة مهما لطالما استخدمته خلال الشهور الماضية.
لكن ذلك لا يعني أن معارضي النظام ممن هم في الخارج، خسروها، إذ ان البعض يرى في الخطوة الأخيرة لخطيب ندا، محاولة من معارضة الخارج للاستئثار بها وبغيرها من شعارات المعارضة وقضاياها للانطلاق بحملة جديدة ضد النظام، بشكل مستقل عن الداخل، ما يعني ان المرحلة المقبلة ستشهد حراك معارضتين متعارضتين، واحدة ضد النظام كنظام في طهران، والأخرى تحمل شعارات سقفها نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.


Do you want a Hotmail account? Sign-up now - Free

Thursday 4 March 2010

عودة رفسنجاني إلى المعادلة

عاد رفسنجاني إلى حضن النظام الذي رعاه لسنوات، عاد من جديد ليجد له مكانا بين الكبار في لعبة الكراسي الطهرانية المتحركة، التي يبدو ان جولتها الأخيرة انتهت بخروج نظام «ولاية الفقيه» بأقل الخسائر الممكنة، لا بل بتسجيل نقاط على الذين حاولوا إسقاطه وغيرهم ممن ساروا في هذا الدرب. لطالما عرف علي أكبر هاشمي رفسنجاني، برجل الثورة الأول بعد المرشد في إيران. تولى قيادة القوات المسلحة في الحرب مع العراق، وكان صاحب المشورة التي دفعت بالإمام الخميني لاتخاذ قرار الموافقة على الهدنة. مهّد للإطاحة بالشيخ حسين علي منتظري، وبعد وفاة مؤسس الثورة، كانت له اليد الطولى في قرار «مجلس الخبراء» اختيار آية الله علي خامنئي مرشدا، ليتربع بعد ذلك لفترتين متتاليتين على سدة الرئاسة. هو زعيم «البازار بوزورغ» أو السوق الكبيرة، عادة ما كانت صورته ثالثة اثنين، مؤسس الثورة الراحل، وقائد الثورة الحالي حتى ما قبل سنوات خمس، حين فشل في الانتخابات الرئاسية في مواجهة «مردم يار» أو رجل الشعب، اللقب المحبب للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. برغم ذلك، لم يخرج «الشيخ الرئيس» من المعادلة، بل بقي رئيسا لمجلس تشخيص مصلحة النظام، ورئيسا لمجلس خبراء القيادة. في الأزمة الأخيرة، بدا رفسنجاني كأنه اختار الثورة على الثورة، فضل ان يسبح مع الموج الأخضر للمرشحين الخاسرين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، لعله وجد في ذلك سبيلا للانتقام من حرمانه من العودة إلى شارع باستور حيث بيت الرئاسة الإيرانية، فكان كعادته قادرا على المشي بين ألغام السياسة الإيرانية. بخبرته الممتدة لعقود، عرف كيف يضرب على الرئيس ويحيّد المرشد، فالضرب على الأول يحتمل الخطأ والصواب، اما الثاني فرميه ولو بزهرة يعني معاداة النظام وهو ما لا يريده، ولن يفكر فيه أصلا. مبادرة تلو أخرى خرج بها رفسنجاني، بعضها خلال خطب الجمعة، وبعضها الآخر بعثها برسائل، لكنه كان دوما يظهر بلبوس المشكك بنتائج الانتخابات، ما جعل من كلامه ثقيلا بعض الشيء على مسامع من يهمهم الأمر، وهو ما كان جليا بالنسبة لديه خاصة أنه لم يخف طوال الفترة الماضية خصومته الشخصية لأحمدي نجاد وظل يتحين الفرص للانقضاض عليه، وهو ما كان له حين عمد الرئيس المنتخب حينها لتعيين سياسي مثير للجدل في منصب نائب الرئيس فخرجت أصوات المحافظين حينها وبعض الإصلاحيين تنتقده، لكون الشخص المعين، أي إسفنديار رحيم مشائي، اتهم يوما ما بالقول ان الشعب الإسرائيلي صديق للشعب الإيراني. الأمر لم يتوقف عند التصريحات، إذ دخل المرشد الأعلى علي خامنئي على الخط طالبا من نجاد إقالة الرجل، فامتنع، لكن مشائي فضل بعد ان لمس حجم المشكلة ان يعلن تنحيه. وكانت تلك فرصة للشيخ رفسنجاني لإظهار ولائه لنظام ولاية الفقيه، فصرح داعما موقف السيد خامنئي وموجها نقده وإن بشكل غير مباشر لنجاد. فتحت الأزمة كوة بين السيد والشيخ، استغلها الأخير ليطرح تقديم خطة للخروج من الأزمة التي كانت عصية على الحل في يوم وليلة، وهو الشيء الذي لم يكن ليزعجه، فهو يرغب في لعب دور كهذا لأطول مدة من الزمن، كي تبقى بصماته حاضرة بقدر جهده. تكررت اللقاءات، وبالمقابل سعى رفسنجاني على خط موسوي وكروبي لإيجاد أرضية مشتركة، لكن مساعيه معهما توقفت بعد أحداث عاشوراء الشهيرة، فعاد خالي الوفاض لكن أكثر إصرارا على تمهيد الطريق لمعادلة تريح النظام من استنزاف مؤيدي الانتفاضة الخضراء، وبالمقابل تثبته من جديد رجل كل العصور وتعيد له ما خسره في الشهور والسنوات الماضية. بنى على الأحداث محذرا مما هو أعظم. استفاد من التهديدات الخارجية، ولعب على وتر استغلال بعض القوى المعادية للثورة للانتفاضة الخضراء من أجل الانقلاب عليها وعلى مبادئ مؤسسها الإمام الخميني، وبالمقابل حمل معه «رزمة حوافز» بضمان المرشد الأعلى، ما سمح له بالتوصل إلى ما يشبه الاتفاق على تهدئة، وهو الذي انعكس تراجعا في مستوى التصريحات بين السلطة والمعارضة، فكانت الخطوة بمثابة «تحية» من رفسنجاني إلى آية الله خامنئي. قبل أيام، خلال اجتماع مجلس خبراء القيادة، فوجئ الحضور بمشاركة نجاد لا سيما أن الجميع يعلم أن علاقته وصلت إلى مرحلة اللارجعة برئيس المجلس، الشيخ رفسنجاني. ربما كان الأخير اقل من تفاجأ بهذه الخطوة، إذ انه كان واثقا بأن رد المرشد على تحيته، لن يتأخر.